أشرف بولمقوس يكتب  : هل يجازف الإكواس بالتدخل عسكريا في النيجر ؟

أشرف بولمقوس يكتب  : هل يجازف الإكواس بالتدخل عسكريا في النيجر ؟

 

تصدرت النيجر أخبار الصحف العالمية خلال الاسابيع الماضية، خاطفة الاهتمام الاعلامي العسكري الذي كان موجها نحو الحرب الروسية الأوكرانية، و ذلك عقب الانقلاب الذي عرفته البلاد نهاية شهر يوليوز 2023، انقلاب يأتي ضمن سلسلة انقلابات عرفتها غرب افريقيا بكل من مالي و بوركينا و غينيا و تشاد، إضافة للوضع في السودان، لتصبح منطقة الساحل و الصحراء على صفيح ساخن .

 

سال الكثير من المداد حول الاسباب و المبررات وراء الانقلابات المتوالية بالمنطقة، بين من يرجعها للتقاطب الدولي بين الغرب و روسيا، و من يعتبره قلب للطاولة على النفوذ الفرنسي بغرب افريقيا، و اخرون يعتبرونه عمل ثوري … لكن السياسة كما يقال هي فن الممكن، و من المهم معرفة ما هو الممكن في حالة النيجر، و الواقع أننا أمام انقلاب لا يشبه ما قبل في كل شيء، فردود الفعل عقب انقلاب النيجر لم نشهدها مثلا في انقلاب بوركينا، أو غينيا أو مالي، مما يدفعنا لطرح أسئلة عديدة.

لماذا النيجر ؟ لماذا لم تتحرك الإكواس ضد الانقلابات الاخرى و هددت بتدخل عسكري ؟ علما أن انقلاب النيجر مسنود شعبيا أكثر من غيره ! و لماذا لم تتدخل إكواس حتى الآن في النيجر ؟ .
الأجوبة طبعا توجد في التاريخ و الاقتصاد، فالكل يعرف تاريخ الانقلابات في افريقيا و من خلفه، و الكل يعرف وضعية الاقتصاد في غرب افريقيا و ارتباطاته خصوصا في النيجر، و العامة اليوم تعرف أن يورانيوم النيجر هو طاقة فرنسا، و فاكنر روسيا تقوي نفوذها، و استثمارات الجزائر البترولية هناك بالنيجر هامة، و طبعا موقع النيجر الأنسب للقواعد العسكرية بالمنطقة لكل لدول العالم أمريكا نموذجا، لكن أحيانا لا يجب الغوص في كل الاسئلة،و بعض الاجابات البسيطة على سؤال واحد، تفتح المجال للتمكن من فهم الوضع.

بالعودة لخريطة المنطقة و قراءتها على ضوء المواقف، سنجد أن التدخل العسكري في النيجر شبه مستحيل من الإكواس، النيجر دولة حبيسة تحيط بها سبع دول، هي الجزائر و ليبيا من الشمال، بوركينا و مالي غربا، تشاد على الحدود الشرقية، تم نيجيريا و بنين جنوبا، الجزائر في موقف واضح أعلنت رفضها لأي تدخل عسكري في النيجر، و السبب بالتأكيد يعود لكون النيجر بوابة الجزائر نحو افريقيا، و الحرب هناك تعني تدمير ما تحاول الجزائر بناءه منذ سنوات عبر النيجر، بوركينا و مالي أعلنتا بشكل واضح أنهما ضد التدخل العسكري في النيجر بل اعتبروه تهديدا لهم، و مسعتدون لمساندة عسكر النيجر، و الأسباب واضحة فإنقلاب بوركينا و مالي لا ينفصل عن سياق انقلاب النيجر، و القواسم المشتركة عديدة، أما التشاد هي الاخرى استبعدت التدخل العسكري و أعلنت أنها لن تساهم فيه، مما يعني أن التدخل لن يكون ممكنا إلا عبر جنوب النيجر، أي من أراضي بنين و نيجيريا، هذه الأخيرة التي تترأس مجموعة الاكواس، تعرف انقساما داخليا بخصوص الموقف من موضوع النيجر، فرئيس مجلس الشيوخ النيجيري يؤكد على الحل السياسي قبل أي تدخل عسكري، وأحزاب سياسية في نيجيريا تعارض التدخل العسكري، لإعتبارها أن جيش نيجيريا أنهك بفعل الصراعات بالمنطقة، في إشارة لحرب الجيش النيجيري على الجماعات الارهابية، على رأسها بوكوحرام .

اليوم مهلة إكواس لقادة انقلاب النيجر إنتهت، و لم يتم أي تدخل عسكري، مما يزيد جيش النيجر ثقة، و لربما كان يعرف جيدا أن التدخل العسكري غير ممكن، فمواقف محيط النيجر تعقد الخريطة الجيوسياسية، و تجعل أي تدخل عسكري في النيجر نوع من توسيع رقعة النزاع و زيادة أمده ليس إلا، فالجيوش القوية بالمنطقة كالتشاد مع جيش النيجر، و خريطة المواقف و المصالح تجعل حتى الحرب هناك في صالح جيش النجير، لانه يكفي أن يحشد قواته جنوبا على حدود نيجيريا و بنين، أما الشمال و الشرق و الغرب، قد يكون مصدر دعم عسكري لضباط قائد انقلاب النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني .