الفنيدق: استغلال سياسي لأزمة الهجرة بين جماعة العدل والإحسان وتجار الأزمات

نيوز بلوس / الرباط 

شهدت مدينة الفنيدق، وخاصة في أحياء رأس لوطا وأغطاس، استنفاراً أمنياً كبيراً ليلة السبت إثر محاولة مجموعة من المهاجرين السريين تنظيم هجوم جماعي لدخول سبتة المحتلة. ورغم تدخل القوات الأمنية بسرعة وفعالية لتفريق المهاجرين وإحباط محاولتهم، فإن هذه الأحداث تسلط الضوء على أزمة الهجرة السرية المتفاقمة في المنطقة، وهي أزمة لم تمر دون استغلال من بعض الجهات.

جماعة العدل والإحسان كانت من بين الجهات التي سعت لاستغلال هذه الأزمة كعادتها. الجماعة ترى في مثل هذه الأزمات الاجتماعية فرصة للترويج لأفكارها وزعزعة الاستقرار.

في كل أزمة هجرة أو أزمة اجتماعية أخرى، تعمد الجماعة إلى تصعيد خطابها الدعوي والسياسي بهدف استثمار معاناة الفئات الهشة، كالمهاجرين السريين، لتقديم نفسها كبديل للنظام القائم. في حالة الفنيدق، لم تكتفِ الجماعة بالاستنكار فقط، بل حاولت تأجيج الوضع عبر استغلال مشاعر اليأس والغضب التي تنتاب العديد من الشباب العاطلين والطامحين للهجرة.

ما يُميز هذه الاستراتيجية هو أن **العدل والإحسان** لا تستغل الأزمة فقط لإحراج الحكومة، كما قد تفعل أحزاب المعارضة التقليدية، بل تسعى لتوجيه النقد إلى النظام السياسي ككل. إنهم يتحدثون عن فشل الحكومة في توفير حلول اقتصادية واجتماعية للمناطق المهمشة مثل الفنيدق، ويقدمون أنفسهم كصوت للمظلومين والمستضعفين، مستغلين الشعور العام بالإحباط واليأس.

في مقابل ذلك، تأتي استجابات الفئات السياسية الأخرى بشكل أكثر اعتدالاً. فأحزاب المعارضة داخل المؤسسات، مثلاً، تحاول الضغط على الحكومة لتحسين أوضاع الهجرة، لكنها لا تسعى إلى استغلال الوضع بشكل جذري لتغيير النظام. بينما تنخرط جماعة العدل والإحسان مع فئات أخرى مثل الحقوقيين وبعض التيارات المتشددة في حملة لزعزعة الاستقرار، معتبرة الأزمة فرصة سانحة لتصفية حساباتها مع الحكم.

هذا النوع من الاستغلال السياسي للأزمات ليس بجديد، فقد رأينا نفس الأسلوب في العديد من الأحداث السابقة.

**أحداث الفنيدق** تبرز فقط كأحدث مثال لمحاولات استغلال الأزمات الاجتماعية والاقتصادية لدفع الأجندات السياسية الخاصة بالجماعة، في وقت يجب أن يكون التركيز فيه على تقديم حلول واقعية ومستدامة لهذه المشاكل.

وفي خضم هذه المعركة، تظهر فئة أخرى أكثر خطورة، وهي فئة الأجندات الحالمة وتجار الأدسنس، الذين يسعون إلى تأزيم الأوضاع عبر نشر الأكاذيب والفيديوهات المفبركة لتشويه صورة الدولة ودفعها نحو الفوضى. هؤلاء، سواء عن قصد أو بدونه، يعزفون على نفس الوتر مع العدل والإحسان، حيث يروجون لنفس السردية التي تسعى إلى إضعاف شرعية النظام، ولو بطرق مختلفة.

في النهاية، ما نراه في الفنيدق هو حلقة من مسلسل استغلال الأزمات الاجتماعية لتحقيق مكاسب سياسية على حساب استقرار البلاد. ومن هنا، يجب على السلطات أن تستمر في التصدي لهذه المحاولات بفعالية، مع تعزيز الحلول الاجتماعية والاقتصادية، حتى لا تترك أي فراغ قد يستغله المتربصون.