نكتة سمحة : نظام العسكر الجزائري يقطع علاقاته المقطوعة أصلا مع المغرب..ضربني وبكى سبقني واشتكى

نيوز بلوس

تقي الدين تاجي

صحفي متخصص في العلاقات
الدولية

أخيرا باضت “دجاجة العسكر الجزائري” بيضتها الفاسدة، بعد طول مخاض، وأعلن رمطان العمامرة، اليوم الثلاثاء، قرار بلاده، قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية.

يأتي هذا القرار، الذي يغمس مداده من محبرة الجيش الجزائري ، بعدما ظل مسؤلوا هذا البلد، طيلة الفترة الأخيرة، يتناوبون على كيل الاتهامات للمغرب، مثلما يتناوب أعضاء فرقة “سيرك”، على إضحاك الجمهور بحركاتهم البهلوانية. فمرة يطل الجنرال “السعيد الشنقريحة”، ليزبد ويرغد، مكررا بشكل ببغائي عبارة “المغرب المحتل المستبد”، وتارة يخرج “الرئيس التبون” في حواراته المتهافتة، ليحمل جاره الغربي مسؤولية كل الأزمات التي تتخبط فيها بلاده، بدءً من أزمة شكارة الحليب والسميد، التي لم يستطع توفيرها لشعبه المغلوب على أمره، وصولا الى الحرائق التي شبت أخيرا بمنطقة القبائل، والتي بعدما عجز عن إطفائها، قرر إشعال أخرى بتلابيبت جاره، الذي ما فتئ يمد يده اليه بالمحبة والأخوة، سعيا منه (أي نظام العسكر الجزائري) إلى تصريف أزماته الداخلية المتفاقمة، وصرف أنظار الشعب، عن عجزه المقيت، في الوفاء بالتزاماته.

والواقع أن “نظام العسكر الجزائري” ينطبق عليه المثل العربي الشهير، “ضربني وبكى سبقني واشتكى”، ففي وقت ظل يبعث فيه المغرب رسائل ود، من أجل فتح الحدود، وتدشين علاقات أخوية حقيقية،، يقرر هذا النظام بالمقابل “قطع علاقاته الدبلوماسية مع المملكة المغربية” ، أما حينما يصفها هو بالمحتل، ويتهمها بالالتفاف على حقوق من يسميهم بـ “الشعب الصحراوي”، وعدم احترامها حقهم في تقرير مصيره – على حد زعمه -، يقابل الدبلوماسيون المغاربة، تهجمه، بالصبر والحلم، والدعوة الى استئناف العلاقات.

والحال أنه إذا كان من بلد يتوجب عليه قطع علاقاته الدبلوماسية مع الآخر، فسيكون ولا شك هو المغرب، الذي ما فتئ يعاني من الاستفزازات المتواصلة، للنظام الجزائري، ومناوئته لمصالحه العليا، وسعيه إلى تقسيمه، وتفتيت وحدته الترابية، من خلال احتضانه ودعمه وتسليحه لجبهة البوليساريو الانفصالية.

لكن الحقيقة التي يخفيها قرار “نظام الكابرانات ” بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية”، هي أن خطاب الملك محمد السادس، قد نجح نجاحا كبيرا، في طرد النوم من جفونه، باعتباره خطابا ذكيا، استطاع أن يفضح للشعب الجزائري حقيقة النظام “الكولونيالي” “الشمولي” الذي يجثم على أنفاسه، والتأكيد له بما لا يدع مجالا للشك، على أن العدو الحقيقي للجزائريين، يوجد في “الثكنات العسكرية”، المتواجدة بسكيكدة وعنابة وغيرها من المدن الجزائرية، وليس في المغرب.

الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 22 لعيد العرش، أذكى النعرة والخوف من المبادرة المغربية، مع ما قد يترتب عنها، من زعزعة الاستقرار المغشوش في الجزائر، في حال فُتحت الحدود، مع ما يعنيه ذلك، من انكشاف لعورة “نظام الكبرانات” بعدما يقف المواطن الجزائري، عند مستوى الرفاه الذي وصل اليه المغرب، على كافة الأصعدة، وكيف أن الحليب الذي يقف “الجزائري المسكين” في طوابير طويلة من أجل الحصول عليه، يوجد بوفرة كبيرة، وبأنواع وأشكال مختلفة، عند بقالي الأحياء الشعبية بالمغرب، بل وحتى بمداشره النائية.

ولا شك، أن نظام العسكر الجزائري، واع بنقاط ضعفه، ويخاف أن يُسقط “فتح الحدود مع المغرب”، ورقة التوت الأخيرة عن عورته المكشوفة، ولذلك يسعى كالفأر “المذعور”، من خلال قراره المزعوم “بقطع العلاقات، المقطوعة أصلا مع المغرب”، العمل بقاعدة ” أحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم”، وهي صيغة كلاسيكية لم تعد تلجأ اليها الدول التي تحترم نفسها، في تدبير علاقاتها الدبلوماسية. – على الأقل في شكلها الصبياني/ الانفعالي كما تفعل الجزائر –

وخلاصة الأمر، أن الدبلوماسية العسكرية الجزائرية، عاشت بالفترة الاخيرة ارتباكا واضحا، ويبدو على أن المكلفين بهذه المهمة الصعبة والشاقة، والتي تحتاج الى نوع من الحكمة والتبصر واستحضار مآلات القرارت قبل الاقدام عليها، فقدوا البوصلة رسميا، وشرعوا يخبطون خبط عشواء، لاسيما بعد الهزائم الأخيرة التي حصدوها بمعية محضونتهم البوليساريو في ملف الصحراء، وذلك بشهادة الرئيس تبون، الذي فضحته فلتة لسانه عندما صرح في خرجته الإعلامية الأخيرة قائلا أن “ملف الصحراء إندفن”.

من جهة أخرى ، تبدو مشكلة “نظام العسكر الجزائري” نفسية أيضا، ففضلا عن حقده المرضي للمغرب، ولكل ما هو مغربي، وكل ما يأتي من المغرب، يعتقد هذا النظام واهما، أن الجزائر دولة عظمى وصناعية، يضرب لها ألف حساب، ويتصور نفسه كأنه “الولايات المتحدة عندما تهدد فنزويلا أو إيران بالحصار الاقتصادي”، في وقت كشف فيه تقرير أعده المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، تحت عنوان “التنافس المغاربي على أفريقيا جنوب الصحراء”، عن ريادة المغرب على كافة الأصعدة، واتجاهه لكي يصبح “أقوى دولة مغاربيا”، تاركا وراءه جارته الجزائر في ذيل القطار.

فمن سيكون الخاسر إذن من قطع علاقات مقطوعة أصلا ؟..الجواب واضح طبعا