نيوز بلوس / الرباط
تراجع السلطات المحلية في الرباط عن قرار هدم وترحيل سكان دوار الحاجة وعدد من الأحياء المجاورة جاء بعد دراسة عميقة للوضعية الراهنة، حيث تم الأخذ بعين الاعتبار الكثافة السكانية الكبيرة التي تتميز بها هذه المناطق، بالإضافة إلى التكلفة المالية المرتفعة التي قد يستلزمها توفير سكن بديل لهؤلاء السكان. وتشير المعلومات المستقاة من مصادر مطلعة إلى أن وزارة المالية رفضت بشكل قاطع المشروع المتعلق بالهدم، مبررة ذلك بالصعوبات التي قد يواجهها مشروع “الرباط مدينة الأنوار” الذي يُنتظر استكماله بحلول عام 2030.
قرار التراجع لم يكن عشوائيًا، بل جاء نتيجة وعي السلطات بالتحديات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المرتبطة بعملية ترحيل أعداد كبيرة من السكان إلى مناطق أخرى. إلى جانب ذلك، تم اتخاذ قرار بإعادة هيكلة هذه الأحياء من الناحية التحتية والجمالية بدلًا من الهدم، وذلك بإصلاح شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، بالإضافة إلى تحسين المظهر العام من خلال طلاء واجهات المنازل باللون الأبيض وتوحيد ألوان الأزقة، على غرار منطقة “قصبة الأوداية” الشهيرة.
يأتي هذا القرار في ظل الجدل الدائر حول مصير الأحياء الشعبية في مدينة الرباط، وعلى رأسها دوار الدوم المتواجد في مقاطعة اليوسفية. وقد أشارت وثائق رسمية إلى أن منع البناء في هذه المناطق جاء نتيجة لارتفاع كثافتها السكانية وتواجدها في مناطق مرتفعة ومنحدرة، مما يجعل من الصعب توفير البنيات التحتية الضرورية. ومع ذلك، فإن السلطات المحلية تدرك تمامًا الحاجة إلى توفير حلول عملية لهذه التحديات، خصوصًا في الأحياء التي تعاني من مشاكل في شبكات الصرف الصحي والبنية التحتية المتهالكة.
من بين الحلول المقترحة، تم التنبيه إلى ضرورة إيجاد أسس جديدة لإصدار تراخيص البناء، إذ ستخضع هذه العمليات لمراجعة من قبل لجنة يرأسها والي جهة الرباط سلا القنيطرة. ويرتبط هذا التوجه بما أُعلن عنه سابقًا بخصوص ترحيل سكان الدواوير، حيث يتضح من التصريحات الرسمية أن الهدف الأساسي هو تحسين جودة الحياة في هذه المناطق بدلاً من الهدم الكلي.
على صعيد آخر، أكدت ممثلة الوكالة الحضرية أن هدف تصميم التهيئة في الرباط لا يتمثل في هدم منازل سكان مقاطعة اليوسفية، التي تعرف أكبر كثافة سكانية في المدينة، بل يتمثل في إعادة هيكلة هذه المناطق وتحسين المرافق العامة. وأعربت عن قلقها إزاء قلة العقار المتاح في الرباط، وهو ما يشكل عائقًا كبيرًا أمام التوسع العمراني الأفقي، نظرًا لكون العاصمة محاطة بالغابات والحزام الأخضر، مما يمنع إمكانية التوسع خارج نطاق المناطق المأهولة حاليًا.
وتشير التحليلات إلى أن تفاقم هذه الأزمة كان ليصبح أكثر خطورة لولا استقطاب مدينتي تمارة وسلا للعديد من السكان، مما خفف نسبيًا الضغط على الرباط. إلا أن الوضع الحالي يتطلب تدخلات عاجلة لإيجاد حلول مستدامة للأحياء الشعبية التي تعاني من تردي الأوضاع السكنية وضعف البنية التحتية، مع التركيز على توفير المرافق العامة والخدمات الأساسية في هذه المناطق لضمان استقرار السكان وتحسين ظروف حياتهم اليومية.