الصديق معنينو ..التعديل الحكومي بين الشائعات والتكهنات: مشاهد من الماضي والحاضر

نيوز بلوس / الصديق معنينو 

التعديل الحكومي

في الآونة الأخيرة، ازدادت الشائعات حول قرب تعديل وزاري، سواء في وسائل التواصل الاجتماعي أو خلال جلسات النقاش غير الرسمية. البعض ذهب بعيداً في التكهن بأسماء الوزراء الذين سيغادرون مناصبهم وأولئك الذين سينضمون إلى الحكومة، بينما قام آخرون، وخاصة المؤثرين، بنشر قوائم مفترضة للتشكيلة الحكومية الجديدة، وكأنهم كانوا جزءاً من اتخاذ القرار.

منتجع إفران

تذكرني هذه الشائعات بما سجلته في مذكراتي حول هذه الظاهرة في عهد الملك الحسن الثاني. كنت قد كتبت في الجزء الثالث من مذكراتي: “كان الحسن الثاني يقضي من حين لآخر عطلة استجمام في منتجع إفران الأطلسي. وبمجرد وصوله إلى هناك، يبدأ الناس في الربط بين وجوده في المنتجع وقرب إعلان تعديل وزاري.” ومع استمرار إقامته هناك، كانت قوائم الترشيحات تتبدل باستمرار، حيث تمتلئ أوقات النخب السياسية والإعلامية بتكهنات حول من سيتم تعيينهم في الحكومة.

أضفت في مذكراتي: “في تلك الفترة، كان يظهر من يدعي المعرفة والنبوءة، مدعياً أن معلوماته تأتي من مصادر قريبة من “دار المخزن” أو “المربع الملكي”. وهكذا تتحول إقامة الملك في إفران إلى نوع من الرياضة الوطنية التي تتمحور حول التكهن بالتغييرات الحكومية المقبلة.” الوزراء كانوا يتابعون هذه الشائعات بقلق كبير، حيث يشعرون بالارتياح عند سماعهم تأكيدات ببقائهم في مناصبهم، بينما يرتجفون عندما تلمح الشائعات إلى إقالتهم.

اكتشاف النفط الوهمي

في تلك الأوقات العصيبة، كان الوزراء يسعون بشتى الطرق إلى إبراز أنشطتهم، بل يصل الأمر ببعضهم إلى تنظيم فعاليات وهمية، بهدف الظهور في وسائل الإعلام. كان ظهورهم على شاشة التلفاز بمثابة تأكيد ضمني لبقائهم في مناصبهم، فيما كان الغياب عن الشاشة يؤخذ كإشارة على قرب مغادرتهم الحكومة.

وكمثال على ذلك، قام أحد الوزراء في محاولة يائسة للحفاظ على منصبه بالإعلان عن “اكتشاف النفط” في منطقة تمحضيت. ادعى الوزير أن هذا النفط المكتشف من الصخر الزيتي سيكون ذو جودة عالية وبتكلفة منخفضة. حتى أنه قدم للصحفيين قارورة صغيرة على أنها عينة مما تم اكتشافه.

حيرة الملك

أخيراً، وبعد كل الشائعات والتكهنات، تم الإعلان عن تعديل حكومي. وأتذكر جيداً أن الملك الحسن الثاني دعاني إلى الطابق الأول من “الشاليه” الذي كان يقيم فيه في إفران، وهو نفس المكان الذي أقام فيه الملك محمد الخامس سابقاً. قال لي الملك: “أين ستضعون الكاميرات؟ لأن المكان ضيق.” كان الملك يبدو في حيرة من أمره حول كيفية تنظيم مراسيم التعديل وأين ستلتقط الصورة الجماعية للوزراء الجدد. القاعة كانت متوسطة المساحة وتحتوي على صهاريج نحاسية ضخمة.

أجبته: “نحن رهن إشارتكم، سيدنا. لكننا جهزنا الكاميرات وأجهزة الإضاءة على عربات صغيرة يمكن تحريكها بسهولة.” حينها قرر الملك: “سأقف عند الدرج وأستقبل الوزراء، وبعد ذلك نتجه نحو الباب الخشبي لأخذ الصورة الجماعية.” بدأ الوزراء بالصعود على الدرج الضيق واحداً تلو الآخر، حيث كان البعض يسلم على الملك عند وصوله، والبعض الآخر ينتظر في الطابق السفلي.

الترحيب الملكي

كنت قريباً من الملك الحسن الثاني وسمعته يرحب بالوزراء. لاحظ أن الهاشمي الفيلالي، الذي تم تعيينه وزيراً للأوقاف، كان يرتدي بدلة أوروبية، وكان معطفه ملتفاً بصعوبة حول بطنه، فيما بدت أزراره مشدودة بصعوبة. فداعبه الملك قائلاً: “الفقيه شهد اللباس، فين هي الجلابة؟ أنا ولفتك بالجلابة… مرحباً بك، مرحباً بك.”

مواقف الأحزاب

من جهة أخرى، شارك حزب الاستقلال في تلك الحكومة عام 1977. وفي هذا الصدد، ذكر محمد بوستة، الذي تم تعيينه وزيراً للخارجية، في مذكراته: “شاركنا في هذه الحكومة للوقوف إلى جانب الملك في قضية الصحراء، والحفاظ على المكتسبات التي حققتها المسيرة الخضراء.” أضاف بوستة أن الحزب كان يسعى أيضاً إلى مراقبة الإصلاحات التي كانت الحكومة تعتزم القيام بها.