أشرف بولمقوس يكتب : الشواطئ المغربية في حاجة للتربية الجمالية 

أشرف بولمقوس يكتب : الشواطئ المغربية في حاجة للتربية الجمالية 

يعتبر الجمال موضوع أساسي في الفلسفة الاغريقية و حتى لدى فلاسفة العصور الوسطى، وكان أساسيًا للفكر في القرن الثامن والتاسع عشر ، و بالتدريج انتقل النقاش و الحديث في الجمال إلى تفرعات عدة، جمال الطبيعة و الانسان و البناء، بل أصبحت المجتمعات المتقدمة ترى فيه ضرورة و حاجة إنسانية ، الشيئ الذي دفع منظومة التربية إلى استقباله، فأصبح الحديث عن التربية الجمالية ، و المقصود بها تنمية قدرات التلاميذ و الطلبة في استشعار الجمال، وصقل معارفهم فيه .
الغاية من تنمية القدرات الجمالية إن صح التعبير في شق منها ، القدرة على التأمل في الطبيعة، زيادة الاستمتاع الجمالي، و رفع مستوى الذوق العام .
.
في المغرب لا تحظى التربية الجمالية بأهمية كبيرة داخل منظومة التربية، بل الجمال ككل، إلا وفقا لتلك الأشكال النمطية ذات الغايات الاجتماعية المرضية أحيانا، و هو ما تترجمه و تأكده عدد من الفضاء ات العامة ، من بينها أماكن الاصطياف، مناسبة هذا الحديث في الجمال امتعاض عدد من المدونين على وسائل التواصل الاجتماع من شكل الاصطياف بعدد من الشواطئ المغربية ، و المقصود هنا تتبيث عدد من الخيام أو ما يشبهها من طرف بعض المصطافين، عن طريق أغطية منزلية بالشواطئ .
لا شك أن هذه الظاهرة تعرفها الشواطئ المغربية منذ سنوات لكن ما المستجد في الأمر؟ و كيف نجعل شواطئنا نظيفة بصريا بعد أن نلتزم طبعا بنظافتها البيئية ؟
إن أول مؤشر إيجابي في الموضوع هو قلق و سخرية عدد من المواطنين، إذ أن هؤلاء يقتربون من المعيار الكوني للجمال، أو بشكل أدق أصابهم نوع من الانزعاج البصري على الأقل، بمعنى أن قيم جمالية ما، تسربت و دفعتهم للتحرك و لو افتراضيا ضد هكذا سلوكيات .
المعطى الثاني الايجابي في الموضوع، هو الاستدلال بصور و أمثلة من شواطئ بالمجتمعات ” الغربية ” المتقدمة، و تقديم نوع من المقارنة، و في ذلك إدراك لحالة و وضعية التخلف التي نعيشها، في فضاء اتنا العامة .
المؤشر الثالث و الاخير لم تكن هناك آراء كثيرة تدعم أو تشجع هذا السلوك، بمعنى أنه هناك قناعة شبه جماعية أن الامر بشع جماليا، و لربما هذا يطمئن من جهة لكن ليس بالقدر الكافي، و إلا من هم هؤلاء الذين صنعوا البشاعة بشواطئنا ؟
رغم كل هذه المؤشرات الايجابية هناك أفكار عنصرية خطيرة إقصائية، مدفونة وسط زوبعة الدفاع عن الحق في الجمال، و هي تحميل المسؤولية لفئات اجتماعية دون غيرها، ذهبت حد إقصاءها من الحق في الترفيه بسبب انتماء اقتصادي أو اجتماعي، أو تنامي فكرة الدفاع عن خوصصة أماكن الاصطياف و الاستجمام .

في الحلول الممكنة 

يمكن طبعا حل هذا الاشكال بشكل من أشكال القوة، كمنع السلطات العمومية للأمر و مراقبتها، لكن هل هذا يحمينا من سلوكيات مماثلة في العطلة القادمة ؟ هل هو حل نهائي ؟
إن الحلول القانونية و الامنية، قد تكون ناجحة آنيا لكنها ليست نهائية، و هنا تأتي الحلول الحقيقة و الجدرية .
إن عدم تلقي هؤلاء المصطافين لاي تربية جمالية ، أو أي نشاط جمالي خلال تكوينهم ، لاشك أنه وراء ما صنعوا من بشاعة في شواطئنا، بل و حتى في الاقامات السكنية و الحدائق العمومية و غيرها .
غياب التصالح مع الذات دافع أيضا لارتكاب البشاعة، فعدد من أهل الخيام في شواطئنا،غايته في ذلك إخفاء وجبته أو جسده ، أو جسد من يرافقه، إما نتاج واقع اجتماعي يكرس نظرة نمطية عن أكلة ما ، أو عدم إقتناعه بعلاقة معينة بالجسد ، لاسباب أخلاقوية أو دينية ضيقة .
الخوف من التلصص المتبادل، عدد من المصطافين لهم قناعة أن التلصص هو الاصل، إما لانهم يمارسونه أو لإيمانهم به، و بالتالي كنوع من المقاومة للتلصص يحاول الاختفاء بهذا الشكل .
و بالتالي لا يمكن أن ننتج فضاء ات جميلة، دون تربية جمالية، دون التخلي عن التلصص و ما يشابهه، دون فلسفة، دون التصالح مع الذات، دون احترام الحياة الخاصة للناس، دون التشبع بقيم الاختلاف .