نيوز بلوس/الرباط
عز الدين سعيد الأصبحى
________
*التطرف المدهش للحوثي وطالبان*
حركة طالبان نموذج للرؤية المتشددة والرافضة للآخر، مؤمنة بالعنف كأسلوب للتعامل مع الآخرين، لا يعنيها منظومة القوانين والقيم الدولية، ولا تلقى بالا لسخط الرأى العام العالمي.
إن طالبان مثلها مثل داعش أو ميليشيات الحوثى باليمن أو ميليشيات التطرف فى أكثر من بلد ، تنظيمات معلنة برؤية منغلقة تجاه الآخر، تؤمن بالعنف وتمارسه كمنهج حياة، صادقة مع نفسها، تؤمن بأن من حقها إلغاء الآخر وقتله، كون ذلك من وجهة نظرها أمراٌ إلهيا هى مكلفة به.
فكيف نندهش إذا سنَّ الحوثى نظاما مذهبيا مقيتا أو ألقى بالنساء فى غيابة الجب.
أو منعت طالبان المرأة من حقها فى التعليم والعمل، كل ذلك تحصيل حاصل لمسار معلن.
وقد عملها الحوثى ويكررها كل يوم فى صنعاء، من تمييز ضد النساء اللاتى ما عرفن سجونا سياسية فى اليمن إلا فى عهده ، وما عرف اليمن تمييزاً ضد الشعب معلنا، عرقياً ومذهبياً ومناطقياً إلا مع هذا التيار، الذى فتح المقابر والسجون وأغلق المدارس وصادر الجامعات!، وأحال اليمن من بلد يتباهى بالحكمة إلى مدن تزهو بالجنون وتكتظ بالمقابر!. ولكن العالم لم ير بعد هذا الإرهاب فى اليمن مقيتا، لا لشيء إلا لكون اليمن ضحية تقاطع مصالح تُرى بعين التجاهل إن لم تكن عين الرضا ببقاء هذا العقاب الجماعى على الشعب . والأمر لا يُقلق أحدا غير اليمنيين الذين يبحثون عن الحكمة المفقودة.
ما يدهشنا حقاً هو اندهاش البعض من المندهشين، من هذا التطبيق العملى لهذه النظريات المعلنة، وما يثير فينا قهراً ووجعاً ذاك الإصرار من القوى الدولية، فى تمكين هذه التنظيمات من مُقدرات بلداننا ورقاب شعوبنا.
ثم تندهش هذه القوى الدولية لمنهجيات العنف فى مسار تعامل هذه التنظيمات ورؤية حكمها!! .
ولن نسأل السؤال البريء دوما حول من سلم أفغانستان بكل عدتها وعتادها لطالبان، واحتفل بخروج القوات الدولية على عجل ؟! .
وقبلها من فتح العراق لميليشيا متعددة الولاءات وموحدة الرؤية فى ضرب العراق ومؤسساته، أين العالم منذ مطلع الثمانينيات وحزب الله يكرس لعبة الطائفية فى بلد التنوع؟
ولماذا تحرص بعض القوى الدولية على تسليم كل شيء فى اليمن منذ أكثر من ثمانى سنوات لميليشيا الحوثى لتعزيز سطوة هِراوات عنفه المخيف؟ ثم نستغرب التعثر فى إتمام خطوة للسلام باليمن. ويندهش البعض للإرهاب الحوثى المتزايد كل يوم فى صنعاء تجاه الشعب اليمنى وحده لا غير؟.
لماذا تسكت كل منابر الإعلام الدولية والإقليمية، بل وحتى تلك التى تدعى الوطنية وكل وقتها وجهدها لضرب ما تبقى من مؤسسات الدولة الشرعية وتدمير رموزها، وتسفيه كل خطوة نحو بناء مؤسسات الدولة، لتحظى ميليشيات الحوثى بأكبر دعم معنوى المعلن والخفى منه.
أنا أدرك اختلاف وجهات النظر السياسية، ولكن مع مشروع ظلامى فالأمر يختلف ، ولم يعد مجرد وجهة نظر أمام جريمة ضد كل قيم حقوق الإنسان، مشروع يلاحق أصحاب الرأى وينصب لهم المشانق، يصادر الثروات الوطنية ويسلب الرأسمال الوطنى كل ثروته، ويعمد يوميا لتمزيق نسيج المجتمع، ويكرس قمعاً معلناً ضد فئات الشعب لأسباب عنصرية أو مناطقية أو مذهبية، يمتهن كرامة النساء ويزج بهن فى غياهب السجون ،ويعمل على تجريف كل قيم الحضارة، ثم نقول كل ذلك مجرد وجهة نظر تسمح لمدعى السلام باتخاذ موقف الحياد ؟.
فذاك حياد أسوأ من الشخص المنتمى صراحة لتشدده، كون مسعر الحرب المتخفى برداء الإنسانية أسوأ، مثل القاتل المندس فى معركة المواجهة.
إن مواجهة التطرف والإرهاب يحتاج من المجتمع خاصة صفوته وقياداته انحيازا حقيقيا لقيم العصر، وشجاعة فى المواجهة تصيغ إطار مشروع الانعتاق من التخلف بكل سماته المدمرة، وتقاوم التطرف الذى مازال العالم الآخر ينظر اليه بدهشة لا غير !.