بقلم عالي عبدائم
من : متشرد أيتوسي في أرض المملكة
إلى : كل من حمل قلما يكتب عن “هبت أيتوسى العالم ”
1898 عام له ما بعده . كيف لا وقد شهد ميلاد مفهوم جديد تمخض معه اجماع حول حدث شكل شرارة ل انتصاب التجمعيين ضد الوطنيين .
شاءت الأقدار أن يعيد التاريخ نفسه في هبت أيتوسى .
تكمن فرادة المثقف – من خلال استشراف مسارات المثقفين الكبار وكيفية مقاربتهم للأحداث المعقدة والظواهر المركبة التي عرفتها مجتمعاتهم – في مقدرتهم الفائقة على التمييز والتقويم والاستشراف.
فما كل كاتب مثقف ؛ فقد يكتب الأول أو يمتهن صنعة الكتابة ، وربما يبلغ فيها شـأنا عظيما من دون أن يحمل صفة المثقف ؛ إذ لدى الأخير ميسم خاص به يمايزه عن بقية شركاؤه في العمل الذهني . يخول له القدرة على التمييز والترفع عن الوقوع في فخ تقاطع المصالح الذي قد يفيد السياسي ؛ فهو شخص لا يكتفي بممارسة النشاط الفكري النابع من الوعي والفهم وسعة الأفق فقط، بل هو صاحب رسالة يبحث عن كشف الحقيقة، ويكون شجاعا في الدفاع عنها .
فحمل مشعل النور في سبيل البلوغ لنظام سياسي واجتماعي أكثر إنسانية وعقلانية. تستوجب نبذ التفرقة بين عقيدة وعقيدة، أو لون ولون، أو جنس وجنس، أو توجه سياسي وآخر؛ ليس كل ذي قلم مثقفا .
ففي الوقت الذي كان فيه أفضل سياسي يقلد المثقف في القدرة على التمييز والانتصار للمبادئ الكبرى ؛ بات المثقف يستبطن طريقة السياسي في التفكير ورد الفعل. بل انخرط مثقفون كثيرون في مجتمعنا اليوم في الخلط بين وظيفتي المثقف والسياسي، لدرجة لم نعد نفرق بينهما.
سيتساقط كثير ممن ينتحلون لأنفسهم صفة مثقف، لمجرد منحهم الناس تلك الصفة بفعل شهادة علمية مرموقة أو… ، فمنتجوا الثقافة هؤلاء زائلون مع سيرورة التاريخ . فالثابت على مر العصور أن ارتباط النظرية والأفكار بالمواقف والممارسة، ومناصرة المضطهدين والانتصار لقيم العدالة والحرية هي من أهم صفات المثقف أينما وجد.
فإذا كانت السياسة هي طريقة إدارة شؤون البلاد والعباد، فإن الثقافة بمعناها الشامل هي انعكاس للوعي الاجتماعي و ضمير الأمة وصوتها و أبرز أدوات هذه الإدارة ؛ سواء أكانت تعبيرا فرديا ام جماعيا .يتبع …