حوار مع الكاتبة المغربية الصاعدة ” سلمى جعفري “

أحلام مُدني – نيوز بلوس

منذ مدة وأنا أرغب في العمل على حوارات أدبية ثقافية، رفقة الكثيرين ممن لمع قلمهم وسطع فنهم، ربما لكون غالبية من هم حولي مبدعين لدرجة فائقة، ..
لي صديقات بأنامل خارقة غير عادية، بحياتي قارئات استطعن إبراز أساميهن ضمن القائمة، كما يتخلل تفاصيل أيامي أصدقاء بفن عظيم وعقول نابغة،
أو ربما لكوني من الطينة الفضولية التي لطالما تستمتع باكتشاف الشخصيات اللامعة، مدى اختلافهم وسبب تميزهم عن الأغلبية الساحقة، هل هي فطرة أم أنها عادات مكتسبة تم تطويرها؟ هل هو شغف كبر برفقتهم لحد الآونة أم تحدي خلقوه للظهور بطريقة لائقة؟ ..
تفاصيل عديدة سيتم اكتشافها، أخذ ورد وجمل مختلفة بأسئلة وأجوبة .. فأهلا وسهلا بهذه التجربة ..

ضيفتي الأولى كاتبة مبدعة، بصفات متميزة وأنامل جريئة، تميزت خواطرها بتضارب كبير بين العقل والعاطفة،
ولطالما وصلت لقلوب متتبعيها بطريقة رهيبة .. بصمت اسمها بكلماتها، رقتها وحضورها .. سلمى جعفري بحوزتي لتجيبني على ما بجعبتي من أسئلة ..

١ سلمى جعفري في سطور؟ كيف اكتشفت ميولك الأدبي؟ وكيف استطعت المزج بينه وبين تخصصك العلمي؟

قبل كوني كاتبة وطالبة مهندسة، فأنا إنسانة شغوفة، حساسة تجاه كل شيء وكل الأحداث، وكذا مهتمة بأدق التفاصيل. ولعل هذه الصفات الثلاثة التي شكلت ماهيتي منذ الطفولة هي المحرك الأساسي والشرارة التي أيقظت بداخلي حب الكتابة منذ الصغر.

اكتشافي لميولي الأدبي كان مبكرا، بدءاً من حبي لقراءة قصص الأطفال إلى عشقي لكتابتها خلسة. تزداد سنين عمري ويزيد حبي للمطالعة والكتابة، إلى أن وجدت يوماً في نفسي ما يكفي من الجرأة والتمرد حتى أنشر ما أكتب، فكان ذلك مولودي الأول : “أمواج قلبٍ كُتِبَت”.

أما فيما يخص مسألة “المزج” بين تخصصي العلمي وميولي الأدبي، فالأمر صعبٌ شيئا ما غير أن صعوبته لا تنفي جماله.. للأمر علاقة وطيدة بالتوازن أحيانا، وبالتناقضات الإنسانية مرة أخرى.. فكما أحب أن أكتب وأعبر عن ما يُخالجني، أحب أشغل عقلي بأشياء مادية ونظرية بعيدة كل البعد عن العاطفة والإحساس.

٢ صدر لك حديثا كتاب ” أمواج قلب كُتبت “،
كيف كانت تجربتك الأولى كمؤلفة لمولود أدبي؟ وما هي العراقيل التي واجهتك قبل نشره؟

كانت تجربة جيدة وفريدة من نوعها.. فيها تعرفت على أناس عدة، منهم كُتاب وأساتذة وطلبة مثقفون، كما أني كونت عدة صداقات. فأما فيما يخص العراقيل، فإني لم أواجهها قط.

٣ برأيك هل لاقى إصدارك القبول والنقد الذي يستحقه؟

ليس بعد، لكنني لا أستعجل الأمور، ولا أؤسس قيمة كتابي على هكذا أمور. كما أنني أؤمن بأن الكلمة تجد طريقها إلى روح البشرية في وقت غير متوقع.

٤ عند قراءة ما جاء في كتابك، نجدك تعتمدين كثيرا على العلاقة بين القلب والعقل، وأنه لا بد من الاستغناء أحيانا عن العواطف لتحقيق الاستقرار الدائم، هل لك أن توضحين السبب لو سمحت؟

العاطفة شيء جميل.. إنها أحد أكثر الأشياء أهمية عندما يتعلق الأمر بمعنى الوجود، غير أنها قد تُصبح خطيرة إن تجاوزت مساحتها المنطقية في ماهية الإنسان واحتلت مكان العقل والفِكرِ فيها. ذلك أنها غالبا ما تُخدرنا كما سبق أن قلت في كتابي، ولوقت طويل قد تمر فيه فُرصٌ وأحداث عدة دون أن نكترث حتى، كما أن ضغطها قد يدفعنا إلى ارتكاب حماقات قد تكون السبب في أذيتنا قبل أذية الآخر. ولهذا فإني لازلت أؤكد أنه لا بُد من الإستغناء عن العواطف أحيانا لتحقيق الإستقرار الدائم.

٥ يقول هاروكي موراكامي: ” لم يكن لدي أي طموح لأصبح روائيا، كانت لدي فقط رغبة قوية في كتابة رواية، لم أكن أعرف عن ماذا سأكتب، كنت أملك فقط إيمانا بقدرتي على الإيتان بكتابة مقنعة “.
هل توافقينه الرأي؟ إن كان نعم، فهل أنت مقتنعة بكل ما جاء في التسع عشرة موجة؟

إني أخالفه الرأي.. ففي الحقيقة كان يراودني طموحٌ بأن أصبح كاتبة بجانب طموح ولوجي لإحدى مدارس الهندسة منذ الصغر. كما أن رغبتي القوية كان أساسها إيصال أفكاري وأحاسيسي إلى أكبر عدد من الناس عبر كُتُبي… أما فيما يخص مدى اقتناعي بما حملته التسع عشرة موجة، فيمكنني القول بأني “إلى حد الآن” مقتنعة.. ومنفتحة تمام الإنفتاح على تبني أفكارٍ جديدة وأكثر صحة، ولو كانت ضد ما أتى به كتابي، لأننا وكما نعلم، الشيء الوحيد الثابت هو مبدأ التغير، حتى فيما يخص الأفكار والقناعات.

٦ هل لكل كاتب صفات وطقوس خاصة تميزه عن البقية أم أن الجميع سواء أمام المشاعر ومواقف الحياة اليومية؟

في الحقيقة لا يمكنني الحزم والجزم في هذه المسألة، لكن الطبيعة الإنسانية تستدعي الإختلاف.

ولو أن كل الكُتاب يقومون بفعل واحد مشترك ألا وهو الكتابة، إلا أن العملية قد تختلف.. فقد يكون منا من يفكر مليا قبل أن يكتب، وقد يكون من يكتب الفكرة مباشرة دون أن يحللها.. قد يكون منا من تُلهمه الموسيقى، وقد يكون منا من لا يستطيع القيام بهذا العمل الإبداعي إلا إن توفر الهدوء التام. منا من يحب الكتابة على الورق، ومنا من يفضل الكتابة في حاسوبه أو حتى هاتفه.. ومنا من يفضلهما معا مثلي أنا.. ولعل الشيء المشترك بيننا جميعا هو كون المشاعر والمواقف اليومية الملهمين الأولين.

٧ الحديث معك شيق للغاية، كما كان لي شرف محاورة إنسانة بأنامل ذهبية خارقة، لكن لكل بداية نهاية وإن طالت الحكاية، فهل لنا بنصيحة منك أو مما خطته أناملك كرسالة لكل من يرتطم صدفة بالمقالة؟

كُن أنت، احتضن جانبك المظلم كما تحتضن الجانب المضيء منك، افعل كل شيء بحب، ولا تدع أي فرصة لرسم الإبتسامة على شفتي أحدهم أن تُفلت منك.