هكذا احتفل المرحوم الحسن الثاني بذكرى المولد قرب قبر جده الرسول الكريم

نيوز بلوس / الاستاذ الصديق معنينو

يحل يوم الاثنين 16 شتنبر 2024، عيد المولد النبوي الشريف. ويحرص المغاربة على استقبال ليلة المولد النبوي على النحو الذي واظب عليه الملك الراحل الحسن الثاني، وذلك بإطلاق البخور والاستماع إلى المديح النبوي الذي يستمر إلى حين بزوغ أولى أشعة الصباح.

ومما يحكيه محمد الصديق معنينو عن حرص الملك المرحوم الحسن الثاني على إحياء هذه الليلة وفق الطقوس المغربية أن الحسن الثاني كان في بداية الثمانينيات في العمرة، وصادف أن تزامن وجوده هناك مع ذكرى المولد النبوي، والعادة أن الملك الراحل كان يحيي ذكرى المولد النبوي كأهل المغرب بقراءة القرآن والذكر والبخور والأناشيد، في ضريح والده أو في القصر الملكي، حيث يتولى الخدام الإعداد للاحتفال بالكثير من الاستعداد مع احترام البروتوكول والتقاليد المرعية، ففاتح الملك الحسن الثاني ملك السعودية فهد بن عبد العزيز، وقال له: “أنا سأحتفل بذكرى جدي إلى جانب قبره”. غير أن الملك السعودي فهد أصيب بالحرج، وحاول أن يعتذر بمبرر أن للسعوديين طريقة أخرى في التعامل مع هذه المناسبة ولا يتسامحون في ذلك، فما كان من الحسن الثاني إلا أن قال: “هل تمنعونني من أن احتفل بجدي؟”، فقال له الملك فهد: “بعد صلاة العشاء سأفرغ المسجد النبوي، وسيظل تحت تصرفك إلى أن تحل صلاة الصبح بربع ساعة، ثم سأقفل الأبواب وسأضع الشرطة على الأبواب”.

وأكد معنينو أن الملك الحسن الثاني أمر بإحضار المسمعين ومجودي القرآن ودليل الخيرات، وقياد المشور والمخازنية، وغيرهم من الأشخاص المختارين بعناية لهذه المهمة.

كما أحضروا المباخر الفضية الكبيرة والشموع والبخور وغيرها من المعدات من المغرب، وفي ظرف قصير جاءت طائرتان محملتان من المغرب بكل ما يلزم الاحتفال بذكرى المولد النبوي في المسجد النبوي.

وتابع معنينو أن الملك الراحل جلس، حين خلا المسجد من المصلين، بين منبر الرسول وقبره، وجلس المسمعون والمنشدون في صفوف متوازية، وكذلك مجودي القرآن واستمروا في الذكر والتراتيل والأناشيد الدينية التي تمجد ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم. وكان الخدم يحملون مباخر العود لقماري الكبيرة ويطوفون بها في المسجد النبوي. وبعد فترة قام الملك الحسن الثاني ودخل قبر الرسول، وفتح له الحارس الباب الذهبي الأول، وهو الباب الذي يشاهده كل من يزور القبر النبوي، حيث لا يُسمح بلمسه، ثم فتح الحارس الباب الثاني وكان من الخشب وربما هو من العرعار. وبعد ذلك وجد الستائر وفتحها.

ودخل الملك وحده. وظل بجوار قبر الرسول صلى عليه وسلم أزيد من عشر دقائق. وعندما خرج كان يبكي. “كان الملك الراحل متأثرا جدا وهو جالس في مقام جده الرسول الأعظم.

ويتذكر معنينو: “أذكر أنه كان بيده منديل أبيض يجفف به دموعه. وفي يده الأخرى سبحة خضراء”.

وتابع معنينو: “عندما خرج أشعل مصور يعمل بالتلفزة المغربية أضواء الكاميرا من أجل تصوير تلك اللقطة. فأشار له الملك بإطفاء الاضواء. فقال لي: السي معنينو: واش دخلتي سلمتي على جدي (يعني هل تريد الدخول) . فقلت له: الله يبارك في عمر سيدي مادخلتش. فقال لنا جميعا: “نزلوا الكاميرات ودخلوا خذوا البركة”. فدخلت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم. وتأثرت كثيرا، ودعوت فأكثرت الدعاء. ومرت تلك الليلة خالدة جدا. حيث التزم الملك الحسن الثاني بالوقت الذي حدده الملك فهد. وكان الناس يقفون بالمئات أمام أبواب المسجد النبوي لصلاة الصبح.

وكانت الشرطة تقول للمصلين احتراما للملك تركناه يصلي هو وبعض الشرفاء. وبسرعة تم جمع ونقل المباخر والشموع والزرابي وغيرها من المعدات، وفتحت الأبواب وصلينا مع الناس صلاة الفجر، وكأن شيئا لم يقع وخرجنا بعد ليلة ليلاء، مازالت مسجلة تفاصيلها في التلفزة المغربية ولم تبث إلى حدود اليوم”.